أبومشعل قام بنشر يناير 30, 2006 قام بنشر يناير 30, 2006 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد فإن حال المسلمين مع القرآن تستدعي الدراسة العميقة ، وذلك أن المسلمين بعد القرون الأولى ، انصرف اهتمامهم بكتابهم إلى ناحية التلاوة ، وضبط مخارج الحروف وإتقان الغُنن والمدود وما إلى ذلك مما يتصل بلفظ القرآن والحفاظ على تواتره كما جاءنا لكنهم بالنسبة لتعاملهم مع كتابهم صنعوا شيئا لم تصنعه الأمم الأخرى . إن كلمة (( قرأت )) عندما يسمعها الإنسان العادي تعني أن رسالة جاءته ، فنظر فيها وفهم المقصود ، والأمة الإسلامية لا أدري بأية طريقة فصلت بين التلاوة وبين التدبر ، فأصبح المسلم اليوم يقرأ القرآن لمجرد البركة ، كما يقولون دون وعي للمعاني والمغازي ، وهذا موقف مرفوض من الناحية الشرعية ، لقول الله تعالى (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبروا آياته وليتذكر أولو الألباب )) ص : 29 . يعني الوعي والإدراك والتذكر والتدبر ، فأين التدبر ؟ وأين التذكر ؟ نعم ، قد يغيب عن الإنسان معنى كلمة ، قد تكون غريبة عليه ؛ لأن القرآن في درجة من البلاغة لم يتذوقها هو ، ولا يقبل إطلاقا أن ينتهي المسلم إلى ذلك النوع الذي ذكر الله تعالى ، حين وصف عباد الرحمن بقوله (( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا )) الفرقان : 73 . وأجد اليوم أن الذين يخرون صما وعميانا كثيرون ، فالأمم الأخرى أدركت حال المسلمين مع كتاب ربهم ، لذلك وجدنا إذاعات عالمية تذيع القرآن حتى إسرائيل ، وكأنها اطمأنت إلى أن الأمة الإسلامية اليوم تسمع ولا تعي ، هذا موقف لا بد من علاجه . الأمة الإسلامية عندما هجرت كتابها ، أو على الأقل أخذت تقرأه على أنه تراتيل دينية ، فإنها فقدت صلتها بالكون ، فكانت النتيجة أن الذين درسوا الكون خدموا به الكفر ، واستطاعوا أن يسخروه لأنفسهم ومبادئهم وإلحادهم ، أما نحن ومع أن كتابنا كتاب تجاوب مع الكون ، بحيث لم نرَ كتابا سماويا أو مقدسا ، نوّه بعظمة الله في كونه ، أو بعظمة الكون ؛ لأن الله هو الخالق . كالقرآن الكريم . ما الذي صرفنا عن هذا كله ؟ صرفنا عنه أننا ما أحسسنا التلقي والتعامل مع القرآن أبدا ، وكنا نعتبر الخطأ الكبير فقط ألا يمد القارئ المد اللازم ، أو لا يغنّ الغُنّة ، أو لا يخفي الإخفاء ، وكل ذلك مطلوب لحماية الأداء القرآني ، أما وعي المعاني وإدراك الأحكام والتحقق بالعاطفة المناسبة من خلال تشرب معاني القرآن ، فقد اختفى في نفوسنا . هذا شيء لا بد أن نبدأ به ، وإلا فنحن معزولون عن ديننا وعن مصدره . القرآن الكريم كتاب يصنع النفوس ، ويصنع الأمم ، ويصنع الحضارات ، هذه قدرته وطاقته ، فأما أن يُفتح المصباح فلا يرى أحد النور ؛ لأن الأبصار مغلقة ، فالعيب عيب الأبصار التي أبت أن تنتفع بالنور ، والله تعالى يقول (( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام )) المائدة : 16 . نحن ما اتبعنا رضوان الله ولا سبل السلام ، ولا استطعنا أن نقدّم سلاما للعالم ، ولا استطعنا أن ننقل هدايات القرآن للقارات الخمس ، هناك في عصرنا خمسة مليارات من البشر محجوبة عن أضواء القرآن لا تعرف عنه شيئا ، والسبب أن المسلمين أنفسهم محجوبون عن أضواء القرآن ، وفاقد الشيء لا يعطيه . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الردود الموصى بها
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.