اذهب الي المحتوي
أوفيسنا
  • تدوينات
    18
  • تعليقات
    42
  • قراءات
    149,934

تذكرة .. عظات و عبر


مما قرأت للشيخ / ناصر بن محمد الأحمد ، فيها تذكرة وعبرة وعظة

يقول الشيخ ...

إن الحمد لله...

أما بعد: أيها المسلمون: المصائب أمر لا بد منها.

من منا -أيها الأحبة- لم تنـزل به مصيبة أو يتعرض لمشكلة؟

من لم يفقد حبيباً أو يخسر تجارة أو يتألم لمرض ونحوه؟.

لقد ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- مثلاً معبراً للمؤمن في هذه الحياة، فقال: ((مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء، ومثل المنافق كمثل شجرة الأَرْزِ لا تهتز حتى تُستحصد)) [رواه مسلم].

لقد اختلطت جذور الزرع في الأرض وتماسكت، فالريح وإنْ أمالته لا تطرحه ولا تكسره ولا تسقطه. وكذلك المؤمن فإنّ المصائب وإنْ آلمته وأحزنته فإنها لا يمكن أنْ تهزمه أو تنال من إيمانه شيئاً، ذلك أنّ إيمانه بالله عاصمُه من ذلك.

وهذه الدنيا مليئة بالحوادث والفواجع، والأمراض والقواصم، فبينا الإنسان يسعد بقرب عزيز أو حبيب إذا هو يفجع ويفاجأ بخبر وفاته، وبينا الإنسان في صحة وعافية وسلامة وسعة رزق إذا هو يُفجع ويفاجأ بمرض يكدر حياته ويقضي على آماله، أو بضياع مال، أو وظيفة تذهب معه طموحاته، وتفسد مخططاته ورغباته.

في هذه الدنيا منح ومحن، وأفراح وأتراح، وآمال وآلام، فدوام الحال من المحال، والصفو يعقبه الكدر، والفرح فيها مشوب بترح وحذر. وهيهات أنْ يضحك من لا يبكي، وأنْ يتنعّم من لم يتنغَّصْ، أو يسعدَ من لم يحزنْ!.

هكذا هي الدنيا، وهذه أحوالها، وليس للمؤمن الصادق فيها إلا الصبر، فذلكم دواء أدوائها. قال الحسن -رحمه الله-: "جرَّبْنا وجرَّب المجرِّبون فلم نر شيئاً أنفع من الصبر، به تداوى الأمور، وهو لا يُداوى بغيره". وما أعطي أحد عطاء خيراً أوسع من الصبر، وكان أمر المؤمن من بين الناس أمراً عجيباً لأنّه ((إنْ أصابته سراءُ شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيراً له)) -كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم-.

أيها المسلمون: أمرنا الله بالصبر، وجعله من أسباب العون والمعيّة الإلهية، فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [(153) سورة البقرة] ثم أخبر مؤكِّداً أنّ الحياة محل الابتلاء بالخوف والجوع ونقص الأرزاق والأموال والأنفس والثمرات، وأطلق البشرى للصابرين، وأخبر عن حالهم عند المصائب، وأثبت جزاءهم، فقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْـمُهْتَدُونَ} [(155-157) سورة البقرة]. فالصبر سبب بقاء العزيمة، ودوام البذل والعمل، وما فات لأحد كمال إلا لضعف في قدرته على الصبر والاحتمال، وبمفتاح عزيمة الصبر تُعالج مغاليق الأمور، وأفضل العُدَّة الصبر على الشدَّة.

انتهى الإقتباس

0 تعليقات


Recommended Comments

لاتوجد تعليقات لعرضها .

×
×
  • اضف...

Important Information